هونج كونج- مزيج آسيوي ساحر.. وتاريخ كروي عريق

هونج كونج، المدينة التي تستضيف كأس السوبر السعودي، هي نقطة التقاء فريدة بين العراقة الشرقية والتطور الآسيوي، مع لمسة غربية تضفي عليها سحرًا خاصًا، مما يجعلها من بين أكثر مدن العالم ديناميكية وتنوعًا. هذه البقعة المميزة، الواقعة على الساحل الجنوبي للصين بالقرب من مقاطعة جوانجدونج، تتشكل من ثلاثة أجزاء رئيسية وهي: جزيرة هونج كونج النابضة بالحياة، وكولون الصاخبة، والأقاليم الجديدة المترامية الأطراف، بالإضافة إلى ما يربو على 200 من الجزر الصغيرة المنتشرة حولها.
في عام 1842، سيطرت بريطانيا على هونج كونج بموجب معاهدة نانجينج، وذلك عقب انتصارها في الحرب الأفيونية الأولى التي دارت رحاها بين عامي 1839 و1842. وفي وقت لاحق، تم تأجير الأقاليم الجديدة لبريطانيا لمدة 99 عامًا، بموجب اتفاقية أبرمت في عام 1898.
الحرب الأفيونية الأولى اندلعت في عام 1839 نتيجة لمحاولات الإمبراطورية الصينية تقييد تجارة الأفيون، التي كانت تعود بأرباح طائلة على بريطانيا. هذا النزاع انتهى بهزيمة الصين وتوقيع معاهدة نانجينج.
خلال ثمانينيات القرن الماضي، بدأت المفاوضات بين بريطانيا والصين، وأسفرت عن توقيع الإعلان المشترك الصيني-البريطاني في عام 1984، والذي نص على عودة هونج كونج إلى السيادة الصينية في 1 يوليو 1997، مع الحفاظ على نظامها الرأسمالي وحرياتها لمدة 50 عامًا، أي حتى عام 2047.
يقدر عدد سكان هونج كونج بحوالي 7.527.500 نسمة وفقًا لتقديرات دائرة الإحصاء والتعداد المحلية في منتصف عام 2025، ويتألف سكانها من خليط متنوع من الصينيين والهنود والفلبينيين، بالإضافة إلى الأوروبيين والأفارقة. ونتيجة لهذا التنوع الثقافي، تعكس اللغة في هونج كونج مزيجًا من التأثير الصيني والبريطاني. اللغة الصينية "الكانتونية" هي الأكثر انتشارًا في الحياة اليومية، تليها اللغة الإنجليزية التي تُستخدم على نطاق واسع في التعليم العالي.
تشتهر هونج كونج بأنها مدينة لا تهدأ، تعج بالصخب والنشاط الدائم. تتميز المدينة بناطحات السحاب الشاهقة، والمراكز التجارية الفاخرة، والأسواق الشعبية النابضة بالحياة. وعلى الرغم من الكثافة السكانية العالية، تحتضن هونج كونج مساحات خضراء واسعة ومسارات مخصصة للمشي. وتشتهر المدينة عالميًا بأنها ملاذ لعشاق الطعام، حيث يمتزج في مطبخها الأطباق الكانتونية التقليدية مع التأثيرات الآسيوية والغربية، مما يجعلها وجهة فريدة لمحبي الطعام، ومن أبرز الأطباق "ديم سام"، وهو عبارة عن تشكيلة من الأطباق الصغيرة التي تقدم مع الشاي، وتشمل فطائر الروبيان، ولفائف الأرز المحشو باللحم أو الجمبري، وتؤكل غالبًا في وجبتي الإفطار أو الغداء، بالإضافة إلى المأكولات البحرية الطازجة، وخاصة الأسماك المطهوة على البخار.
تتزين هونج كونج بمعالم سياحية بارزة، مثل قمة فيكتوريا الخلابة، وديزني لاند هونج كونج المفعمة بالمرح، وسوق السيدات الشهير، وميناء فيكتوريا الساحر.
على صعيد كرة القدم، تمتلك هونج كونج تاريخًا عريقًا يجعلها من الرواد في القارة الآسيوية في هذه الرياضة، حيث تأسس اتحادها الكروي قبل 111 عامًا، وتحديدًا في عام 1914.
في بداياته، لم يكن لدى الاتحاد أي موظفين رسميين أو مقر ثابت، وكان جميع العاملين متطوعين. ومع مرور الوقت، قرر الاتحاد استئجار وحدة مكتبية في الطابق الرابع من مبنى بنك كانتون سنترال، ثم انتقل إلى مبنى خشبي يُعرف باسم الأمير سنترال.
في عام 1954، تم تسجيل اتحاد كرة القدم في هونج كونج كشركة مساهمة وفقًا لقانون الشركات، وأصبح عضوًا في الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" والاتحاد الآسيوي. وانتقل المقر إلى ملعب هونج كونج، حيث كان المكتب موجودًا في قبو المنصة الرئيسية للملعب، وتم استئجاره لمدة 15 عامًا، قبل أن يصبح للاتحاد مقر دائم مكون من ثلاثة طوابق منذ عام 1979 وحتى الآن، بعد أن خصصت الحكومة قطعة أرض تم بناؤها في منطقة هومامنتين.
على الرغم من أن هونج كونج كانت من بين الدول المؤسسة لبطولة كأس آسيا، إلا أن منتخبها لم يحقق النتائج المرجوة. كان أفضل إنجاز له هو الحصول على المركز الثالث في النسخة الأولى التي أقيمت عام 1956. وتبع ذلك مشاركتان في نسختي 1964 و1968، ثم غاب المنتخب حوالي 55 عامًا قبل أن يعود للظهور في نسخة البطولة التي استضافتها قطر عام 2023، حيث ودع البطولة من الدور الأول دون تحقيق أي نقاط، بعد أن تذيل المجموعة الثالثة التي ضمت إيران والإمارات والصين.
توالى العديد من اللاعبين الموهوبين على تمثيل منتخب هونج كونج، وفي مقدمتهم ياب هونج فاي، حارس المرمى الذي يحمل الرقم القياسي في عدد المشاركات برصيد 109 مباراة، وتشان يو شيو كي، الهداف التاريخي للمنتخب برصيد 37 هدفًا.
أما بالنسبة للأندية في هونج كونج، فهي ليست محترفة بالكامل كما هو الحال في دول الجوار مثل اليابان وكوريا والصين. تتعاون معظم الأندية مع الأكاديميات والمدارس لاكتشاف المواهب الشابة، وقد شهدت تطورًا ملحوظًا في السنوات الأخيرة. من بين أبرز هذه الأندية نادي إيسترن، الذي يعتبر الأعرق في هونج كونج، حيث تأسس عام 1932، وفاز بلقب الدوري الممتاز عدة مرات، وكان أول فريق من هونج كونج يشارك في دوري أبطال آسيا عام 2017.
بالإضافة إلى نادي إيسترن، هناك فرق أخرى مثل تاي بو ولي مان كيتشي، الذي شارك عدة مرات في دوري أبطال آسيا، وضم العديد من اللاعبين الأجانب المتميزين، بما في ذلك الأوروجوياني دييجو فورلان، المهاجم الدولي السابق الذي يتمتع بخبرة واسعة اكتسبها من اللعب في العديد من الأندية الأوروبية الكبرى مثل مانشستر يونايتد الإنجليزي وأتلتيكو مدريد الإسباني وإنتر ميلان الإيطالي.
مر الدوري في هونج كونج بمراحل عديدة، وصولًا إلى عام 2014، الذي شهد تحولًا جذريًا في مسيرته بعد تأسيس الدوري الممتاز المؤهل للمشاركة في دوري أبطال آسيا وكأس الاتحاد الآسيوي.
تُلعب مباريات الدوري بنظام الذهاب والإياب، بمشاركة 10 فرق، تقلصت إلى تسعة فرق في الموسم الماضي، وهي: تاي بو "حامل اللقب"، ولي مان، وإيسترن، وكيتشي، وساوثرن، وكولون سيتي، وهونج كونج رينجرز، ونورث ديسكريت، وهونج كونج إف سي.